الزواج سنة كونية قبل أن تكون سنة من سنن النبي صلى الله عليه مسلم، فهو
الضامن لاستمرار الجنس البشري. وتكون ثمرة هذا الزواج إما ولدا أو بنتا أو
هما معا؛ لكن لنعد قليلا إلى الوراء؛ فكلنا بدأنا الحياة في غرفة صغيرة
ضيقة حيث نعيش في أمان وسلام؛ تصلنا الإمدادات واحتياجاتنا للعيش دون عناء
ودون أن ندري مصدرها أو كيف تصلنا والمراحل التي تمر بها قبل أن تصلنا ،
ننعم فيها بالسلام والطمأنينة، لكن هذه السكينة تنكسر بفعل الأمر الإلاهي
الذي لا مفر منه "كن" لنخرج إلى غرفة أكبر وأوسع من حيث الأبعاد "العائلة"؛
حيث نجد حضنا في استقبالنا وفي انتظار أن يعانقنا إنه حضن الأم وصدر الأم
وثديها. كل شيء في البداية كان بالفطرة، ثم شيئا فشيئا ندرك أن هناك شيئا
اسمه الأم ، هذه الأخيرة التي تسخر كل ما أوتيت من قوة من أجلنا؛ فهناك
شعور غريب يقودنا إلى الرضاعة منها دون أن ندري السبب، ومع بداية اكتشاف
الذات يكبر فينا كيان داخلي يدعونا إلى الاستقلالية. فترى الطفل يحبوا ثم
يمشي فيتكلم؛ ومع أول خطوة يخطوها نحو الخارج ينتقل إلى غرفة أخرى أوسع من
الأولى إنها المجتمع؛ وهنا تبدأ حياته الحقيقية حيث الاحتكاك مع اللآخر
ويكتشف معنى الصداقة والأمان والغدر والغدر والخيانة .... إلى ما ذالك؛
فتراه ثارة يخطئ فيطلب المغفرة وثارة أخرى ترى العكس وفي هذه الحالة يقع
بين طريقين إما النسيان والتجاوز عن الخطيئة أو القصاص وهنا تدخل الأخلاق
والتربية التي ترسخت لديه _ مذ كان صغيرا _ على الخط لتحل محل القاضي الذي
يحكم على المتهم في جلسة مغلقة.إن الانسان بطبعه كائن اجتماعي لا يستطيع
العيش بمفرده لذلك يتحتم عليه تعلم فن التعامل مع الآخر؛ فالتعامل مفتاح
القلوب، فإن تعلم الانسان طريقة التعامل مع الآخر يكون بذلك قد قطع99% من
طريق السعادة و 85% من طريق النجاح. الانسان الناجح هو الذي انتقل في كل
أطوار حياته انتقالات طبيعية متكاملة ومتناغمة تجعل منه شخصا يستطيع أن
يفعل شيئا وأن فاعليته يمكن أن تمتد إلى عائلته وإلى جيرانه وإلى المجتمع
والانسانية جمعاء ... وأنه يستطيع أن يترك أثرا وأنه يستطيع أن يجعل لحياته
معنى ولموته معنى.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire